ثم ذكر سبحانه عنهم قولاً آخر قالوه فقال
(قالوا تلك إذاً كرة خاسرة) أي رجعة ذات خسران لما يقع على أصحابها من الخسران، والمعنى أنهم قالوا إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت مما يقوله محمد، وهذا إستهزاء منهم، وقيل معنى خاسرة كاذبة أي ليست بكائنة كذا قال الحسن وغيره، وقال الربيع بن أنس: خاسرة على من كذب بها، وقال قتادة ومحمد بن كعب: أي لئن رجعنا بعد الموت لنخسرن بالنار، وإنما قالوا هذا لأنهم أوعدوا بالنار، والكرة الرجعة والجمع كرات.
وقوله
(فإنما هي زجرة واحدة) تعليل لما يدل عليه ما تقدم من استبعادهم لبعث العظام النخرة وإحياء الأموات، والمعنى لا تستبعدوا ذلك فإنما هي زجرة واحدة وكان ذلك الإحياء والبعث، والمراد بالزجرة الصيحة وهي النفخة الثانية التي يكون البعث بها، وقيل أن الضمير في (إنما هي) راجع إلى المرادفة المتقدم ذكرها التي يعقبها البعث وسميت هذه النفخة زجرة لأنه يفهم منها النهي عن التخلف والمنع منه، وعبارة الخطيب وعبر بالزجرة لأنها أشد من النهي لأنها صيحة لا يتخلف عنها القيام أصلاً.
(فإذا هم بالساهرة) أي فإذا الخلائق الذين قد ماتوا ودفنوا أحياء على وجه الأرض، قال الواحدي المراد بالساهرة وجه الأرض وظاهرها في قول الجميع، قال الفراء سميمت بهذا الإسم لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم، وقيل لأنه يسهر في فلاتها خوفاً منها فسميت بذلك، قال في الصحاح الساهرة وجه الأرض، ومنه قوله (فإذا هم بالساهرة) وقال الساهرة أرض بيضاء، وقيل أرض من فضة لم يعص الله فيها، وقيل الساهرة الأرض السابعة يأتي بها الله سبحانه فيحاسب عليها الخلائق.
وقال سفيان الثوري: الساهرة أرض الشام أو أرض مكة أو أرض القيامة، وقال قتادة هي جهنم، أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم، وإنما قيل لها ساهرة لأنهم لا ينامون فيها لاستمرار عذابهم، وقال ابن عباس هي وجه


الصفحة التالية
Icon