سقف كل سماء هو السماء التي فوقها كما أن السماء الدنيا سقف للأرض تأمل.
قال الكسائي والفراء والزجاج: تمّ الكلام عند قوله بناها لأنه من صلة السماء والتقدير أم السماء التي بناها فحذف التي، ومثل هذا الحذف جائز.
ومعنى (فسواها) جعلها مستوية الخلق معتدلة الشكل لا تفاوت فيها ولا اعوجاج ولا فطور، ولا فروج ولا شقوق
(وأغطش ليلها) الغطش الظلمة بلغة أنمار أي جعله مظلماً يقال أغطش الليل وأغطشه الله كما يقال أظلم الليل وأظلمه الله، ورجل أغطش وامرأة غطشى لا يهتديان.
قال الراغب وأصله من الأغطش وهو الذي في عينه عمش، ومنه فلاة غطشى لا يهتدى فيها والتغاطش التعامي، وأضاف الليل إلى السماء لأن الليل يكون بغروب الشمس، والشمس مضافة إلى السماء.
(وأخرج ضحاها) أي أبرز نهارها المضيء بإضاءة الشمس وعبر عن النهار بالضحى لأنه أشرف أوقاته وأطيبها، وأضافه إلى السماء لأنه يظهر بظهور الشمس، وهي منسوبة إلى السماء.
(والأرض بعد ذلك) أي بعد خلق السماء (دحاها) بسطها يقال دحا يدحو دحوا ودحى يدحي دحياً أي بسط ومد فهو من ذوات الواو والياء فيكتب بالألف والياء ويقال لعش المنعامة أدحى لأنه مبسوط على الأرض، قال أمية ابن الصلت:
دحوت البلاد فسويتها... وأنت على طيها قادر
قيل دحيت من مكة بعد خلق السماء بألفي عام (١).
_________
(١) قال ابن كثير ٤/ ٩٢: أما خلق الأرض، فقبل خلق السماء بالنص، وبهذا أجاب ابن عباس رضي الله عنهما فيما ذكره البخاري. انظر " صحيح البخاري " ٨/ ٤٢٧، ٤٢٨. ثم قال ابن كثير ٤/ ٤٦٨: ولكن إنما دحيت الأرض بعد خلق السماء، بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل، قال: وهذا معنى قول ابن عباس وغير واحد، واختاره ابن جرير.


الصفحة التالية
Icon