وجواب " إذا " قيل هو قوله (فأما من طغى) وقيل محذوف أي فإن الأمر كذلك أو عاينوا أو علموا أو أدخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، وقدره بعضهم بقوله كان من عظائم الشؤون ما لم تشاهده العيون.
وقال أبو البقاء العامل فيها جوابها وهو معنى
(يوم يتذكر الإنسان ما سعى) لأنه منصوب بفعل مضمر أي أعني يوم يتذكر أو يوم يتذكر بكون كيت وكيت، وقيل إن الظرف بدل من " إذا " وقيل هو بدل من الطامة الكبرى، ومعنى، تذكر الإنسان ما سعى أنه يتذكر ما عمله من خير أو شر لأنه يشاهده مدوناً في صحائف أعماله، و " ما " مصدرية أو موصولة.
(وبُرزت الجحيم لمن يرى) معطوف على (جاءت) أي أظهرت النار المحرقة إظهاراً بيناً مكشوفاً لا تخفى على أحد، قال مقاتل فكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق، وقيل لمن يرى من الكفار لا من المؤمنين.
والظاهر أنها تبرز لكل راء، فأما المؤمن فيعرف برؤيتها قدر نعمة الله عليه بالسلامة منها، وأما الكافر فيزداد غماً إلى غمه وحسرة إلى حسرته.
قرأ الجمهور لمن يرى بالتحتية وقرأت عائشة ومالك بن دينار وعكرمة وزيد بن علي: بالفوقية أي لمن تراه الجحيم، أو لمن تراه أنت يا محمد، وقرأ ابن مسعود لمن رأى على صيغة الفعل الماضي.
(فأما من طغى) أي جاوز الحد في الكفر والمعاصي
(وآثر الحياة الدنيا) أي قدمها على الآخرة باتباع الشهوات المحرمات ولم يستعد لها ولا عمل عملها
(فإن الجحيم هي المأوى) أي مأواه، والألف واللام عوض عن المضاف إليه، وهذا عند الكوفيين، وعند سيبويه وعند البصريين هي المأوى له، ولا بد من أحد هذين التأويلين في الآية لأجل العائد من الجملة الواقعة خبراً عن المبتدأ الذي هو من طغى، وحسن عدم ذكر ذلك العائد كون الكلمة وقعت فاصلة ورأس آية، والمعنى أنها منزله الذي ينزله ومأواه الذي يأوي إليه لا غيرها.


الصفحة التالية
Icon