ثم ذكر القسم الثاني من القسمين فقال:
(وأما من خاف مقام ربه) أي حذر مقامه بين يدي ربه يوم القيامة لعلمه بالمبدأ والمعاد، قال الربيع مقامه يوم الحساب، قال قتادة يقول إن لله عز وجل مقاماً قد خافه المؤمنون، وقال مجاهد هو خوفه في الدنيا من الله عز وجل مواقعة الذنب فيقلع عنه، نظيره قوله (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والأول أولى.
(ونهى النفس) الأمارة بالسوء (عن الهوى) أي زجرها من الميل إلى المعاصي والمحارم التي تشتهيها، قال مقاتل هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها، والهوى ميل النفس إلى شهواتها
(فإن الجنة هي المأوى) أي المنزل الذي ينزله والمكان الذي يأوي إليه لا غيرها.
(يسألونك) يا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - (عن الساعة أيان مرساها) أي متى وقوعها وقيامها، قال الفراء أي منتهى قيامها كرسو السفينة، قال أبو عبيدة ومرسى السفينة حين تنتهي، والمعنى يسألونك عن الساعة متى يقيمها الله، وقد مضى بيان هذا في سورة الأعراف.
(فيم أنت من ذكراها) أي في أي شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها والمعنى لست في شيء من علمها وذكرها إنما يعلمها الله سبحانه، وهو استفهام إنكار ورد لسؤال المشركين عنها أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك عنها ولست تعلمها وأنت آخر الأنبياء وعلامة من علاماتها فلا معنى لسؤالهم عنها فكفاهم ذلك دليلاً على دنوها ووجوب الاستعداد لها، والأول أولى.
عن علي بن أبي طالب قال: " كان النبي ﷺ يسأل عن الساعة فنزلت فيم أنت من ذكراها " أخرجه ابن مردويه.
وعن عائشة قالت: ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسأل عن الساعة حتى أنزل الله فيم أنت من ذكراها الخ فانتهى فلم يسأل عنها " أخرجه البزار وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه.


الصفحة التالية
Icon