وقال المحلي: فكان بعد ذلك يقول له إذا جاء مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويبسط له رداءه، وقال الخازن استخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته (١) وكان من المهاجرين الأولين، قيل قتل شهيداً بالقادسية قال أنس بن مالك رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء (٢).
قرأ الجمهور (أن جاءه الأعمى) على الخبر بدون الاستفهام، ووجهه ما تقدم.
وقرأ الحسن (أن جاءه) بالمد على الاستفهام فهو على هذه القراءة متعلق بفعل محذوف دل عليه عبس وتولى والتقدير أن جاءه الأعمى تولى وأعرض.
_________
(١) أي يستخلفه للصلاة بالناس.
(٢) كلمة أنس لا تصح لأن الرجل أعمى.
(وما يدريك) التفت سبحانه من الغيبة إلى خطاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لأن المشافهة أدخل في العتاب. أي أيّ شيء يجعلك دارياً بحاله حتى تعرض عنه.
وجملة (لعله يزكى) مستأنفة لبيان أن له شأناً ينافي الإعراض عنه أي لعله يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح بسبب ما يتعلمه منك لا من الشرك لأنه أسلم قديماً بمكة، فالضمير في لعله راجع إلى الأعمى، وقيل هو راجع إلى الكافر أي وما يدريك أن ما طمعت فيه ممن اشتغلت بالكلام معه عن الأعمى أنه يزكى أو يذكر، والأول أولى، وكلمة الترجي باعتبار من وجه إليه الخطاب للتنبيه على أن الإعراض عنه مع كونه مرجو التزكي مما لا يجوز.
ومثل هذه الآية قوله في سورة الأنعام (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) وكذلك قوله: في سورة الكهف: (ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا).