(أو يذكر) عطف على يزكى داخل معه في حكم الترجي، أي أو يتذكر فيتعظ بما تعلمه من المواعظ (فتنفعه الذكرى) أي الموعظة المسموعة منك، قرأ الجمهور بالرفع وقرىء بالنصب على جواب الترجي أي أنك لا تدري ما هو مترقب منه من تزكي أو تذكر ولو دريت ما فرط ذلك منك.
(أما من استغنى) أي كان ذا ثروة وغنى، أو استغنى عن الإيمان وعما عندك من العلم الذي ينطوي عليه القرآن
(فأنت له تصدى) أي تصغي لكلامه، والتصدي الإصغاء وقيل هو من الصدى وهو الصوت المسموع في الأماكن الخالية والأجرام الصلبة، وقيل من الصدى وهو العطش، والمعنى على التعريض، قرأ الجمهور تصدى بالتخفيف على طرح إحدى التاءين تخفيفاً، وقرأ نافع وابن محيصن بالتشديد على الإدغام، وفي هذا مزيد تنفير له صلى الله عليه وآله وسلم عن الإقبال عليهم والإصغاء إلى كلامهم.
(وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) أي أيُّ شيء عليك في أن لا يسلم ولا يهتدي، فإنه ليس عليك إلا البلاغ فلا تهتم بأمر من كان هكذا من الكفار، ويجوز أن تكون (ما) نافية أي ليس عليك بأس في أن لا يتزكى من تصديت له وأقبلت عليه، وتكون الجملة في محل نصب على الحال من ضمير تصدى.
ثم زاد سبحانه في معاتبة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
(وأما من جاءك يسعى) أي وصل إليك حال كونه مسرعاً في المجيء إليك طالباً منك أن ترشده إلى الخير وتعظه بمواعظ الله
(وهو يخشى) حاك من فاعل (يسعى) على التداخل، أو من فاعل جاءك على الترادف أي يخشى الله أو أذى الكفار يعني ابن أم مكتوم
(فأنت عنه تلهى) أي تتشاغل عنه وتعرض عن الإقبال عليه. والتلهي التشاغل والتغافل، يقال لهيت عن الأمر ألهى أي تشاغلت عنه وكذا تلهيت. وليس هو من اللهو في شيء ولم يجعل من اللهو


الصفحة التالية
Icon