وقال قتادة: السفرة هنا هم القراء لأنهم يقرأون الأسفار، وقال وهب بن منبه هم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم أثنى سبحانه على السفرة فقال:
(كرام) على ربهم كذا قال الكلبي، وقال الحسن كرام عن المعاصي فهم يرفعون أنفسهم عنها، وقيل يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته أو قضى حاجته، وقيل يؤثرون منافع غيرهم على منافعهم، وقيل يتكرمون على المؤمنين بالاستغفار لهم.
(بررة) جمع بار مثل كفرة وكافر أي أتقياء مطيعون لربهم صادقون في إيمانهم وقد تقدم تفسيره، وقال ابن عباس هم الملائكة.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه وهو عليه شاق له أجران ".
(قتل الإنسان ما أكفره) أي لعن الإنسان الكافر ما أشد كفره، قال الكرخي وهذا دعاء عليه بأشنع الدعوات وإن ذلك ورد على أسلوب كلام العرب لبيان استحقاقه لأعظم العقاب حيث أتى بأعظم القبائح كقولهم إذا تعجبوا من شيء قاتله الله ما أخبثه، أخزاه الله ما أظلمه، قال الشاعر:

يتمنى المرء في الصيف الشتا فإذا جاء الشتا أنكره
لا بذا يرضى ولا يرضى بذا قتل الإنسان ما أكفره
وقيل معناه أي شيء أكفره أي دعاه إلى الكفر، وهو استفهام توبيخ، والظاهر هو الأول، قيل المراد بالإنسان عتبة بن أبي لهب، ومعنى ما أكفره التعجب من إفراط كفره، قال الزجاج معناه اعجبوا أنتم من كفره، وقيل المراد بالإنسان من تقدم ذكره في قوله (أما من استغنى) وقيل المراد به الجنس وهذا هو الأولى فيدخل تحته كل كافر شديد الكفر ويدخل تحته من كان سبباً لنزول الآية دخولاً أولياً.


الصفحة التالية
Icon