صحيح (١).
قرأ الجمهور يغنيه بالغين المعجمة وقرأ ابن محيصن بالعين المهملة مع فتح الياء أي يهمه من عناه الأمر إذا أهمه.
ثم بين مآل أمر المذكورين وانقسامهم إلى الأشقياء والسعداء بعد وقوعهم في داهية عظيمة فقال
_________
(١) رواه بنحوه الطبري ٣٠/ ٦١ من رواية الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى عن عائذ بن شريح عن أنس، ورواه ابن أبي حاتم من رواية أزهر بن حاتم عن الفضل بن موسى عن عائذ بن شريح به، وعائذ بن شريح، قال أبو حاتم الرازي في " الجرح والتعديل ": في حديثه ضعف. وروى الترمذي في " سننه " ٢/ ١٦٨ عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - ﷺ - قال: " تحشرون حفاة عراة غُرلاً " فقالت امرأة: أيُبصر أو يرى بعضنا عورة بعض؟! قال: يا فلانة (لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن ابن عباس. وروى مسلم في " صحيح " ٤/ ٢١٩٤ عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: " يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً (غير مختونين) قلت: يا رسول الله النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال - ﷺ -: " يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض ".
(وجوه) مبتدأ وإن كان نكرة لأنه في مقام التفصيل وحيز التنويع، وهو من مسوغات الابتداء بالنكرة (يومئذ) متعلق به ومعنى (مسفرة) مشرقة متهللة مضيئة، وبه قال ابن عباس، وهي وجوه المؤمنين لأنهم قد علموا إذا ذاك ما لهم من النعيم والكرامة، يقال أسفر الصبح إذا أضاء قال الضحاك: مسفرة من آثار الوضوء وقيل من قيام الليل، وقيل من الغبار في سبيل الله
(ضاحكة) عند الفراغ من الحساب (مستبشرة) أي فرحة بما نالته من الثواب الجزيل وكرامة الله ورضوانه.
ثم لما فرغ سبحانه من ذكر حال المؤمنين ذكر حال الكفار فقال
(ووجوه يومئذ عليها غبرة) أي غبار وكدورة لما تراه مما أعده الله لها من العذاب
(ترهقها قترة) أي يغشاها ويعلوها سواد وكسوف، ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه، والقتر في كلام العرب الغبار كذا قال أبو عبيدة، ويدفع ما قاله أبو عبيدة تقدم ذكر الغبرة فإنها واحدة الغبار، وقال زيد


الصفحة التالية
Icon