(ولا خوف عليهم) يعني يوم القيامة (ولا هم يحزنون) يعني على ما خلّفوا من الدنيا، وظاهر الآية نفي الخوف عنهم في الدارين كما تفيده النكرة الواقعة في سياق النفي من الشمول، وكذلك نفي الحزن يفيد دوام انتفائه عنهم.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة في النهي عن المن والأذى وفي فضل الإنفاق في سبيل الله وعلى الأقارب وفي وجوه الخير، ولا حاجة إلى التطويل بذكرها فهي معروفة في مواطنها.
قال عبد الرحمن بن يزيد: كان أبي يقول: إذا أعطيت رجلاً شيئاً ورأيت أن سلامك يثقل عليه فلا تسلم عليه، والعرب تمدح بترك المن وكتم النعمة وتذم على إظهارها والمن بها، والأذى ما يصل إلى الإنسان من ضرر بقول أو فعل، والمراد هنا أن يشكو منهم بسبب ما أعطاهم.
(قول معروف) قيل الخبر محذوف أي أولى وأمثل، ذكره النحاس، قال: ويجوز أن يكون خبراً عن مبتدأ محذوف أي الذي أمرتم به قول معروف أي كلام حسن ورد جميل على الفقير السائل، وقيل عِدَة حسنة توعده بها وقيل دعاء صالح تدعو له بظاهر الغيب.
(ومغفرة) له في الحاجة مبتدأ أيضاً وخبره (خير من صدقة) وجاز الإبتداء بالنكرتين لأن الأولى تخصصت بالوصف والثانية بالعطف والمعنى أن القول المعروف من المسؤول للسائل، وهو التأنيس والترجية بما عند الله والرد الجميل خير من الصدقة التي (يتبعها أذى) وقد ثبت في صحيح مسلم عنه - ﷺ - " الكلمة الطيبة صدقة " (١) وأن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق.
_________
(١) مسلم ٢٢٢٤.


الصفحة التالية
Icon