ومن الأول في العطف بالواو قوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها.)
وقيل إذا وحّد الضمير بعد ذكر شيئين أو أشياء فهو بتأويل المذكور أي فإن الله يعلم المذكور، وبه جزم ابن عطية ورجحه القرطبي، وذكر معناه كثير من النحاة في مؤلفاتهم.
(وما للظالمين) أنفسهم بما وقعوا فيه من الإثم بمخالفة ما أمر الله به من الإنفاق في وجوه الخير (من أنصار) ينصرونهم ويمنعونهم من عقاب الله بما ظلموا به أنفسهم، والأولى الحمل على العموم من غير تخصيص بما يفيده السياق أي ما للظالمين بأي مظلمة كانت من أنصار.
وقد ثبت عن النبي - ﷺ - في نذر الطاعة والمعصية في الصحيح وغيره ما هو معروف كقوله - ﷺ -: " لا نذر في معصية الله " (١) وقوله: " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه " (٢) وقوله: " النذر ما ابتغى به وجه الله " (٣) وثبت عنه في كفارة النذر ما هو معروف.
_________
(١) صحيح الجامع ٧٤٢٢/مسلم ٧٨/ ٧٩.
(٢) صحيح الجامع ٦٤٤١.
(٣) روي بمعناه النسائي عن عِمْرِان بن حصين.
(إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) في هذا نوع تفصيل لما أجمل في الشرطية المتقدمة، ولذا ترك العطف بينهما أي إن تظهروا الصدقات فنعم شيئاً إظهارها، وإن تخفوها وتصيبوا بها مصارفها من الفقراء فالإخفاء خير لكم.
وقد ذهب جمهور من المفسرين إلى أن هذه الآية في صدقة التطوع لا في صدقة الفرض فلا فضيلة للإخفاء فيها، بل قد قيل إن الإظهار فيها أفضل