عليه أنه آية من الكتب المنزلة وغيرها أو بما في الكتب المنزلة المذكورة على وضع آيات الله موضع الضمير العائد إليها، وفيه بيان الأمر الذي استحقوا به الكفر.
(لهم) بسبب هذا الكفر (عذاب شديد) أي عظيم في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالخلود في النار (والله عزيز) لا يغالبه مغالب (ذو انتقام) عظيم النقمة والسطوة، يقال انتقم منه إذا عاقبه بسبب ذنب قد تقدم منه، وقال محمد بن جعفر بن الزبير أي إن الله ينتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها. (١)
_________
(١) وحين قدم وفد نجران إلى رسول الله ﷺ في ستين راكباً فيهم العاقب والسيد وخاصموه في عيسى عليه السلام.
فقالوا: إن لم يكن ولد الله فمن أبوه؟.
فنزلت فيهم هذه الآيات.
(إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) هذه الجملة استئنافية لبيان سعة علمه وإحاطته بالمعلومات لعلمه بما يقع في العالم من كلي وجزئي، وفيه رد على الحكماء في قولهم إنه لا يعلم الجزئيات إلا بوجه كلي لأنه في الحقيقة نفي للعلم بالجزئي، وعبر عن معلوماته بما في الأرض والسماء مع كونها أوسع من ذلك لقصور عباده عن العلم بما سواهما من أمكنة مخلوقاته وسائر معلوماته.
ومن جملة ما لا يخفى عليه إيمان من آمن من خلقه وكفر من كفر.
وقال محمد بن جعفر أي قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه رباً وإلهاً وعندهم من علمه غير ذلك عزة بالله وكفراً به لأن الإله هو الذي لا يخفى عليه شيء، وعيسى يخفى عليه بعض الأشياء باعترافهم فلا يصلح أن يكون إلهاً ففيه رد على النصارى في دعواهم ألوهية عيسى (١).


الصفحة التالية
Icon