وقيل المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ، روي هذا عن ابن مسعود وقتادة والربيع والضحاك.
وقيل المحكم الذي ليس فيه تصريف ولا تحريف عما وضع له، والمتشابه ما فيه تصريف وتحريف وتأويل، قاله مجاهد وابن إسحق، قال ابن عطية وهذا أحسن الأقوال.
وقيل المحكم ما كان قائماً بنفسه لا يحتاج إلى أن يرجع فيه إلى غيره، والمتشابه ما يرجع فيه إلى غيره، قال النحاس وهذا أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات.
قال القرطبي ما قاله النحاس يبين ما اختاره ابن عطية وهو الجاري على وضع اللسان وذلك أن المحكم اسم مفعول من أحكم والإحكام الإتقان، ولا شك في أن ما كان واضح المعنى لا إشكال فيه ولا تردد إنما يكون كذلك لوضوح مفردات كلماته، واتقان تركيبها، ومتى اختل أحد الأمرين جاء التشابه والإشكال.
وقال ابن خوازمنداد: للمتشابه وجوه ما اختلف فيه العلماء أي الآيتين نسخت الأخرى كما في الحامل المتوفى عنها زوجها فإن من الصحابة من قال: إن آية وضع الحمل نسخت آية الأربعة الأشهر والعشر. ومنهم من قال بالعكس، وكاختلافهم في الوصية للوارث وكتعارض الآيتين أيهما أولى أن تقدم إذا لم يعرف النسخ ولم توجد شرائطه، وكتعارض الأخبار وتعارض الأقيسة، هذا معنى كلامه.
والأولى أن يقال إن المحكم هو الواضح المعنى الظاهر الدلالة إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره، والمتشابه ما لا يتضح معناه أو لا يظهر دلالته لا باعتبار نفسه ولا باعتبار غيره.
وإذا عرفت أن الاختلاف الذي قدمناه ليس كما ينبغي، وذلك لأن أهل كل قول عرفوا المحكم ببعض صفاته، وعرفوا المتشابه بما يقابلها.