(ربنا إنك جامع الناس) أي باعثهم ومحييهم بعد تفريقهم وهو من إضافة الفاعل إلى المفعول (ليوم) هو يوم القيامة أي لحساب يوم أو لجزاء يوم على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه (لا ريب فيه) أي في وقوعه ووقوع ما فيه من الحساب والجزاء، وقد تقدم تفسير الريب (إن الله لا يخلف الميعاد) تعليل لمضمون ما قبلها أي أن الوفاء بالوعد شأن الإله سبحانه، وخُلفُه يخالف الألوهية كما أنها تنافيه، وإظهار الاسم الجليل لإبراز كمال التعظيم والإجلال الناشىء من ذكر اليوم المهيب الهائل بخلاف ما في آخر هذه السورة فإنه مقام طلب الإنعام.
والميعاد مِفعال من الوعد بمعنى المصدر لا الزمان والمكان. قاله أبو البقاء، وإليه أشار في التقرير، وفيه التفات من الخطاب ويحتمل أن يكون من كلامه تعالى، والغرض من الدعاء بذلك بيان أن همهم أمر الآخرة ولذلك سألوا الثبات على الهداية لينالوا ثوابها.
[أخرج ابن النجار في تاريخه عن جعفر بن محمد الخلدي قال روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من قرأ هذه الآية على شيء ضاع منه رده الله عليه ويقول بعد قراءتها يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيني وبين مالي إنك على كل شيء قدير].
(إن الذين كفروا) المراد بالذين كفروا جنس الكفرة الشامل لجميع الأصناف، وقيل وفد نجران، وقيل قريظة، وقيل النضير، وقيل مشركو العرب (لن تغني) أي لن تنفع ولن تدفع (عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله) أي من عذابه (شيئاً) أي شيئاً من الإغناء، ومن لابتداء الغاية مجازاً، وقيل إن كلمة من بمعنى عند أي لها تغني عند الله شيئاً قاله أبو عبيد وقيل هي بمعنى بدل، والمعنى من رحمة الله، قاله القاضي وهو بعيد، قال أبو حيان أنكره أكثر النحاة بل هي لابتداء الغاية كما قاله المبرد.