بعض، أي يرجع، والفئة الجماعة ولا واحد لها من لفظتها وجمعها فئات، وقد تجمع بالواو والنون جبراً لما نقص، وسميت الجماعة من الناس فئة لأنه يفاء إليها أي يرجع في وقت الشدة قاله القرطبي، وقال الزجاج الفئة الفرقة مأخوذ من فأوت رأسه بالسيف إذا قطعته.
(التقتا) لا خلاف في أن المراد بالفئتين هما المقتتلتان يوم بدر، وإنما وقع الخلاف في المخاطب بهذا الخطاب، فقيل المخاطب به المؤمنون وبه قال ابن مسعود والحسن، وقيل اليهود، وفائدة الخطاب للمؤمنين تثبيت نفوسهم وتشجيعها، وفائدته إذا كان مع اليهود عكس الفائدة المقصودة بخطاب المسلمين، وقيل هو خطاب لكفار مكة.
(فئة تقاتل في سبيل الله) أي في طاعة الله وهم رسول الله - ﷺ - وأصحابه، وكانوا ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً سبعة وسبعون رجلاً من المهاجرين، ومائتان وستة وثلاثون رجلاً من الأنصار، وكان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة وكان فيهم سبعون بعيراً وفرسان، وكان من السلاح ستة أدرع وثمانية سيوف وأكثرهم رجالة.
(وأخرى كافرة) وهم مشركو مكة وكانوا تسعمائة وخمسين رجلاً من المقاتلة، وكان رأسهم عتبة بن ربيعة، وكان فيها مائة فرس، وكانت وقعة بدر أول مشهد شهده رسول الله - ﷺ - بعد الهجرة.
وفي الكلام شبه احتباك تقديره فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الشيطان، فحذف من الأول ما يفهم من الثاني، ومن الثاني ما يفهم من الأول.
(يرونهم مثليهم رأي العين) قال أبو علي الفارسي: الرؤية في هذه الآية رؤية العين، ولذلك تعدت إلى مفعول واحد، ويدل عليه قوله (رأي العين) والمراد أنه يرى المشركون المؤمنون مثلى عدد المشركين أو مثلي عدد المسلمين.