(امرأة عمران) اسمها حنة بالحاء المهملة والنون المشددة بنت فاقوذ أم مريم فهي جدة عيسى، وعمران هو ابن ماثان جد عيسى وليس نبياً.
(رب إني نذرت لك) هذا النذر كان جائزاً في شريعتهم، وتقديم الجار والمجرور لكمال العناية ومعز ذلك أي لعبادتك (ما في بطني محرراً) أي عتيقاً خالصاً لله خادماً للكنيسة، والمراد هنا الحرية التي هي ضد العبودية، وقيل المراد بالمحرر هنا الخالص لله سبحانه الذي لا يشوبه شيء من أمر الدنيا، ورجح هذا بأنه لا خلاف أن عمران وامرأته حران وهلك عمران وهي حامل.
(فتقبل مني) التقبل أخذ الشيء على وجه الرضا أي تقبل مني نذري بما في بطني، عن ابن عباس قال كانت نذرت أن تجعله في الكنيسة يتعبد بها، وقال مجاهد خادماً للبيعة (إنك أنت السميع) لتضرعي ودعائي (العليم) بنيتي وما في ضميري.
(فلما وضعتها) التأنيث باعتبار ما علم من المقام أن الذي في بطنها أنثى أو لكونه أنثى في علم الله أو بتأويل ما في بطنها بالنفس أو النسمة أو نحو ذلك (قالت) يعني حنة (رب إني وضعتها أنثى) إنما قالت هذه المقالة لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكر دون الأنثى فكأنها تحسرت وتحزنت لما فاتها من ذلك الذي كانت ترجوه وتقدره.
(والله أعلم بما وضعت) بضم التاء فيكون من جملة كلامها ويكون متصلاً بما قبله وفيه معنى التسليم لله والخضوع والتنزيه له أن يخفي عليه شيء، وقرأ الجمهور وضعت بسكون التاء فيكون من كلام الله سبحانه على جهة التعظيم لما وضعته والتفخيم لشأنه والتجهيل لها حيث وقع منها التحسر والتحزن، مع أن هذه الأنثى التي وضعتها سيجعلها الله وابنها آية للعالمين وعبرة للمعتبرين ويختصها بما لم يختص به أحداً.


الصفحة التالية
Icon