فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩)
(فتقبلها ربها بقبول حسن) أي رضي بها في النذر وسلك بها مسلك السعداء، وقال قوم معنى التقبل التكفل والتربية والقيام بشأنها، وليست صيغة التفعل للتكلف كما هو أصلها بل بمعنى الفعل كتعجب بمعنى عجب وتبرأ بمعنى برىء، والقبول مصدر مؤكد للفعل السابق، والباء زائدة أو هي على حالها.
(وأنبتها نباتاً حسناً) المعنى أنه سوى خلقها من غير زيادة ولا نقصان، قيل إنها كانت تنبت في اليوم ما ينبت المولود في عام وفيه بعد، وقيل هو مجاز عن التربية الحسنة العائدة عليها بما يصلحها في جميع أحوالها.
(وكفلها) أي ضمها إليه بالقرعة لا بالوحي، وقال أبو عبيدة ضمن القيام بها، وقال الكوفيون أي جعله الله كافلاً لها وملتزماً بمصالحها، وفي معناه في مصحف أبي (وأكفلها) وقرأ الباقون بالتخفيف ومعناه ما تقدم من كونه ضمها إليه، وقرأ مجاهد فتقبلها وأنبتها بإسكان اللام والتاء وكفلها على المسألة والطلب.
(زكريا) وكان من ذرية سليمان بن داود، وروى عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وناس من الصحابة أن مريم كانت ابنة سيدهم وإمامهم فتشاح عليها أحبارهم فاقترعوا فيها بسهامهم أيهم يكفلها، وكان زكريا زوج أختها فكفلها أي جعلها معه في محرابه، وكانت عنده وحضنها.