أوجد ذلك في غير وقته يقدر على إيجاد الولد من العاقر، وكان أهل بيته انقرضوا.
وعلى هذا يكون هذا الكلام قصة مستأنفة سيقت في غضون قصة مريم لما بينهما من قوة الارتباط.
(قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة) الذرية النسل يكون للواحد ويكون للجمع ويدل على أنها هنا للواحد قوله (فهب لي من لدنك ولياً) ولم يقل (أولياء) وتأنيث طيبة لكون لفظ الذرية مؤنثاً، والمعنى أعطني يا رب من عندك ولداً مباركاً تقياً صالحاً رضياً كهبتك لحنة العجوز العاقر مريم (إنك سميع الدعاء) أي سامعه ومجيبه.
(فنادته الملائكة) قيل المراد هنا جبريل، والتعبير بلفظ الجمع عن الواحد جائز في العربية، ومنه (الذين قال لهم الناس) وقيل ناداه جميع الملائكة وهو الظاهر من إسناد الفعل إلى الجمع والمعنى الحقيقي مقدم فلا يصار إلى المجاز إلا لقرينة (وهو قائم يصلي في المحراب) أي في المسجد قال السدى المحراب المصلى.
وقد أخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر أن النبي - ﷺ - قال اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب (١).
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن موسى الجهني قال: قال رسول الله - ﷺ - " لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى (٢) " وقد رويت كراهة ذلك عن جماعة من الصحابة.
_________
(١) صحيح الجامع الصغير ١٩.
(٢) الإمام أحمد ٢/ ٢٢٩.