وقيل المعنى لا تخبروا بما في كتابكم من صفة محمد- ﷺ - إلا لمن تبع دينكم لئلا يكون ذلك سبباً لإيمان غيركم بمحمد - ﷺ -.
واختلف الناس المفسرون والمعربون في هذه الآية على أوجه، وذكروا منها تسعة أوضحها وأقربها ما ذكرناه، وقال الفراء: يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله إلا لمن تبع دينكم، ثم قال الله سبحانه لمحمد - ﷺ - (قل إن الهدى هدى الله) أي إن البيان الحق بيان الله بين (أن) لا (يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) على تقدير لا كقوله تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) أي لئلا تضلوا.
(أو يحاجوكم عند ربكم) " أو " بمعنى حتى، كذلك قال الكسائي: وهي عند الأخفش عاطفة، وقد قيل إن هذه الآية أعظم آي هذه السورة إشكالاً وذلك صحيح.
قال الواحدي: وهذه الآية من مشكلات القرآن وأصعبه تفسيراً وإعراباً، ولقد تدبرت أقوال أهل التفسير والمعاني في هذه الآية فلم أجد قولاً يطرد في الآية من أولها إلى آخرها مع بيان المعنى وصحة النظم انتهى، وقد لخصه من كلام الناس الشيخ سليمان الجمل مع اختلافه فمن شاء فليرجع إليه.
(قل إن الفضل) يعني التوفيق للإيمان والهداية للإسلام (بيد الله يؤتيه من يشاء) أي من أرادة من خلقه وفيه تكذيب اليهود في قولهم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم (والله واسع) أي ذو سعة يتفضل على من يشاء (عليم) بمن هو أهله.
(يختص برحمته من يشاء) قيل هي الإسلام وقيل هي القرآن وقيل هي النبوة، وقيل أعم منها، وهو رد عليهم ودفع لما قالوه ودبروه، وفيه دليل على أن النبوة لا تحصل إلا بالاختصاص والتفضل لا بالاستحقاق (والله ذو الفضل العظيم) أصل الفضل في اللغة الزيادة، وأكثر ما يستعمل في زيادة الإحسان، والفاضل الزائد على غيره في خصال الخير.