(يتلو عليهم آياته) هذه منة ثانية أي يتلو عليهم القرآن بعد أن كانوا أهل جاهلية لا يعرفون شيئاً من الشرائع، ولم يطرق أسماعهم الوحي (ويزكيهم) أي يطهرهم من نجاسة الكفر والذنوب، ودنس المحرمات والخبائت (ويعلمهم الكتاب) أي القرآن (والحكمة) السنّة.
وقد تقدم في البقرة تفسير ذلك وكل واحد من هذه الأمور نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر (وإن كانوا من قبل) أي قبل محمد- ﷺ - أو من قبل بعثته (لفي ضلال مبين) واضح لا ريب فيه.
(أو لما أصابتكم مصيبة) الألف للاستفهام لقصد التقريع؛ والمصيبة الغلبة والقتل الذي أصيبوا به يوم أحد (قد أصبتم مثليها) يوم بدر، وذلك أن الذين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعون وقد كانوا قتلوا من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين، وكان مجموع القتلى والأسرى يوم بدر مثلى القتلى من المسلمين يوم أحد.
والمعنى أحين أصابكم من المشركين نصف ما أصابهم منكم قبل ذلك جزعتم و (قلتم أنى هذا) أي من أين أصابنا هذا الإنهزام والقتل ونحن نقاتل في سبيل الله، ومعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد وعدنا الله بالنصر عليهم.
(قل هو من عند أنفسكم) أمر رسول الله - ﷺ - بأن يجيب عن سؤالهم
بهذا الجواب أي هذا الذي سألتم عنه هو من عند أنفسكم بسبب مخالفة الرماة لما أمرهم النبي - ﷺ - من لزوم المكان الذي عينه لهم، وعدم مفارقتهم للمركز على كل حال.
وقيل إن المراد خروجهم من المدينة، ويرده أن الوعد بالنصر إنما كان بعد ذلك وقيل هو اختيارهم الفداء يوم بدر على القتل.
وعن علي قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ فقال يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين