(وما كان الله ليطلعكم على الغيب) الخطاب لكفار قريش أي ما كان ليبيّن لكم المؤمن من الكافر فيقول فلان كافر، وفلان مؤمن وفلان منافق لتعرفوا قبل التمييز لأن المستأثر بعلم الغيب لا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فيميز بينكم، كما وقع من نبينا صلى الله عليه وآله وسلم من تعيين كثير من المنافقين، فإن ذلك كان بتعليم الله له لا بكونه يعلم الغيب أو أن يشاهد أمراً يدل على أمر يكون من بعد كما نصب له علامات دالة على مصارع الكفار يوم بدر، وقيل المعنى ما كان الله ليطلعكم على الغيب فيمن يستحق النبوة حتى يكون الوحي باختياركم.
(ولكن الله يجتبي) أي يختار أو يختص، قاله مجاهد وعن مالك يستخلص (من رسله من يشاء) فيطلعه على ما يشاء من غيبه، عن السدي قال: قالوا إن كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم صادقاً فليخبرنا بمن يؤمن منا ومن يكفر، فأنزل الله هذه الآية، وعن الحسن قال لا يطلع على الغيب إلا رسول (فآمنوا بالله ورسله) بصفة الإخلاص (وإن تؤمنوا وتتقوا) النفاق (فلكم أجر عظيم) في الآخرة.
(ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم) أي لا يحسبن الباخلون البخل خيراً لهم، قاله الخليل وسيبويه والفراء وقرىء بالتاء أي لا تحسبن يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخل الذين يبخلون خيراً لهم، قال الزجاج هو مثل (واسئل القرية) الآية دالة على ذم البخل، وقد ورد فيه أحاديث.
قال البرد: والسين في قوله (سيطوقون ما بخلوا به) سين الوعيد، وهذه الجملة مبينة لمعنى ما قبلها قيل ومعنى التطويق هنا أنه يكون ما بخلوا به من المال طوقاً من نار في أعناقهم، وقيل معناه أنهم سيحملون عقاب ما بخلوا به،


الصفحة التالية
Icon