أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوه بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه.
وفي البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري أن رجالاً من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله - ﷺ - إلى الغزو وتخلفوا عنه فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، فإذا قدم رسول الله - ﷺ - من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وقد روى أنها نزلت في فنحاص وأسيع وأشباههما، وروي أنها نزلت في اليهود.
(ولله ملك السموات والأرض) قال الخطيب فهو يملك أمرهما وما فيهما من خزائن المطر والرزق والنبات وغيرها انتهى، والملك بالضم تمام القدرة واستحكامها، والمعنى ولله ملك خزائن السموات والأرض يتصرف فيه كيف يشاء، وفيه تكذيب لمن قال إن الله فقير ونحن أغنياء، فمن كان له جميع ما فيهما كيف يكون فقيراً.
(والله على كل شيء قدير) لا يعجزه شيء، ومنه تعذيب الكافرين وإنجاد المؤمنين.
(إن في خلق السموات والأرض) هذه جملة مستأنفة لتقرير اختصاصه سبحانه بما ذكره فيها والمراد ذات السموات والأرض وصفاتهما وما فيهما من العجائب (واختلاف الليل والنهار) تعاقبهما بالمجيء والذهاب وكون كل واحد منهما يخلف الآخر، وكون زيادة أحدهما في نقصان الآخر وتفاوتهما طولاً وقصراً وحراً وبرداً وغير ذلك.
(لآيات) أي دلالات واضحة وبراهين بينة تدل على الخالق سبحانه، وقد تقدم تفسير بعض ما هنا في سورة البقرة (لأولي الألباب) أي لأهل العقول الصحيحة الخالصة عن شوائب النقص، فإن مجرد التفكر فيما قصه الله تعالى في هذه الآية يكفي العاقل ويوصله إلى الإيمان الذي لا تزلزله الشبهة ولا يدفعه التشكيك.


الصفحة التالية
Icon