أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥)
(ألم تر) كلام مستأنف مسوق لتعجيب المؤمنين من سوء حال اليهود والتحذير من موالاتهم والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية من المسلمين، وتوجيهه إليه - ﷺ - هنا مع توجيهه فيما بعد إلى الكل معاً للإيذان بكمال شهرة شناعة حالهم، وأنها بلغت من الظهور إلى حيث يتعجب منها كل من يراها، والرؤية هنا بصرية.
(إلى الذين أوتوا نصيباً) حظاً (من الكتاب) التوراة والمراد أحبار اليهود (يشترون الضلالة) المراد بالاشتراء الاستبدال، وقد تقدم تحقيق معناه، والمعنى أن اليهود استبدلوا الضلالة وهي البقاء على اليهودية بالهدى أي بعد وضوح الحجة على صحة نبوة نبينا- ﷺ -، وقيل يأخذون الرشا ويحرفون التوراة.
(ويريدون أن تضلّوا السبيل) عطف على قوله يشترون مشارك له في بيان سوء صنيعهم وضعف اختيارهم، أي لم يكتفوا بما جنوه على أنفسهم من استبدال الضلالة بالهدى، بل أرادوا مع ضلالهم أن يتوصلوا بكتمهم وجحدهم إلى أن تضلوا أنتم أيها المؤمنون السبيل المستقيم الذي هو سبيل الحق، قال تعالى (ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء).
(والله أعلم) منكم (بأعدائكم) أيها المؤمنون، وما يريدونه بكم من الإضلال فيخبركم بهم لتجتنبوهم، والجملة اعتراضية (وكفى بالله ولياً) متولياً أمركم وقائماً به وحافظاً لكم منهم، ومن كان الله وليه لم يضره أحد (وكفى بالله نصيراً) ينصركم في مواطن الحرب ويمنعكم من كيدهم، فاكتفوا بولايته ونصره ولا تتولوا غيره ولا تستنصروه.