الطاعة لك وقيل معناه غيروا وبدلوا وحرفوا قولك فيما عهدت إليهم (والله يكتب) أي يثبت في صحائف أعمالهم (ما يبيّتون) أي ما يزوّرون ويغيّرون ويقدّرون، وقال ابن عباس. ما يسرون من النفاق ليجازيهم عليه ويحفظه عليهم، وقال الزجاج: المعنى ينزّله عليك في الكتاب.
(فأعرض عنهم) أي دعهم وشأنهم حتى يمكن الانتقام منهم وقيل معناه لا تخبر بأسمائهم وقيل لا تعاقبهم، وقيل لا تغتر بإسلامهم (وتوكل على الله) أي ثق به وفوض أمرك إليه في شأنهم (وكفى بالله وكيلا) ناصراً لك عليهم، أمره بالتوكل عليه والثقة به في النصر على عدوه، قيل وهذا منسوخ بآية السيف.
(أفلا يتدبّرون القرآن) الهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر أي يعرضون عن القرآن فلا يتدبرونه يقال تدبرت الشيء تفكرت في عاقبته وتأملته ثم استعمل في كل تأمل، والتدبر أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما يصير إليه عاقبته.
ودلت هذه الآية وقوله تعالى (أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها) على وجوب التدبر للقرآن ليعرف معناه، والمعنى أنهم لو تدبروه حق تدبره لوجدوه مؤتلفاً غير مختلف، صحيح المعاني قوي المباني، بالغاً في البلاغة إلى أعلى درجاتها، قال ابن عباس: أفلا يتفكرون فيرون تصديق بعضه لبعض وما فيه من الواعظ والذكر والأمر والنهي، وأن أحداً من الخلق لا يقدر عليه.
(ولو كان من عند غير الله) كما يزعمون (لوجدوا فيه اختلافاً) أي تفاوتاً وتناقضاً (كثيراً) قاله ابن عباس، ولا يدخل في هذا اختلاف مقادير الآيات والسور لأن المراد اختلاف التناقض والتفاوت وعدم المطابقة للواقع، وهذا شأن كلام البشر لا سيما إذا طال وتعرض قائله للإخبار بالغيب فإنه لا يوجد منه صحيحاً مطابقاً للواقع إلا القليل النادر. عن قتادة يقول: أن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وأن قول الناس يختلف.


الصفحة التالية
Icon