(وحرّض المؤمنين) أي وحضهم على القتال والجهاد يقال حرضت فلاناً على كذا إذا أمرته به وحارض فلان على الأمر وأكب عليه وواظب عليه بمعنى واحد، والمعنى ليس عليك في شأنهم إلا التحريض والترغيب في الثواب فحسب لا التعنيف بهم.
(عسى الله أن يكف) فيه إطماع للمؤمنين بكفّ (بأس الذين كفروا) عنهم، والإطماع من الله عز وجل واجب فهو وعد منه سبحانه ووعده كائن لا محالة (والله أشدّ) أي أعظم (بأساً) أي صولة وسلطاناً وشدة وقوة (وأشد تنكيلاً) عقوبة وعذاباً يقال نكلت بالرجل تنكيلاً من النكال وهو العذاب والمنكّل الشيء الذي ينكل بالإنسان.
(من يشفع شفاعة حسنة) أصل الشفاعة والشفعة ونحوهما من الشفع وهو الزوج ومنه الشفيع لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعا، ومنه ناقة شفوع إذا جمعت بين محلبين في حلبة واحدة، وناقة شفيع إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها، والشفع ضمّ واحد إلى واحد، والشفعة ضم ملك الشريك إلى ملكك فالشفاعة ضمّ غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال منفعة إلى المشفوع له، والشفاعة الحسنة هي في البرّ والطاعة فمن شفع في الخير لينفع (١).
(يكن له نصيب) حظ (منها) أي من أجرها، وقد بيّن النصيب في حديث من دعا لأخيه بظهر الغيب استجيب له، وقال له الملك آمين ولك بمثل " هذا " (١) فهذا بيان لمقدار النصيب الموعود به قاله أبو السعود، وعن أبي موسى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فجاء رجل يسأل
_________
(١) القرطبي ٥/ ٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon