وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)
(وابتلوا اليتامى) شروع في تعيين وقت تسليم أموال اليتامى إليهم، وبيان شرطه بعد الأمر بإيتائها على الإطلاق، والنهي عنه عند كون أصحابها سفهاء، والابتلاء الاختبار، وقد تقدم تحقيقه، وقد اختلفوا في معنى الاختبار فقيل هو أن يتأمّل الوصي أخلاق يتيمه ليعلم بنجابته وحسن تصرفه فيدفع إليه ماله إذا بلغ النكاح وآنس منه الرشد، وقيل معنى الإختبار أن يدفع إليه شيئاً من ماله ويأمره بالتصرف فيه حتى يعلم حقيقة حاله.
وقيل معنى الاختبار أن يرد النظر إليه في نفقة الدار ليعرف كيف تدبيره، وإن كانت جارية رد إليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها، وهذا الخطاب للأولياء، والاختبار واجب على الولي، وقيل نزلت هذه الآية في ثابت بن رفاعة وعمه.
(حتى إذا بلغوا النكاح) المراد ببلوغ النكاح بلوغ الحلم لقوله تعالى (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) ومن علامات البلوغ الإنبات، وبلوغ خمس عشرة سنة. وقال مالك وأبو حنيفة وغيرهما لا يحكم لمن لم يحتلم بالبلوغ إلا بعد مضي سبع عشرة سنة، وهذه العلامات تعم الذكر والأنثى، وتختص الأنثى بالحبل والحيض.
(فإن آنستم) أبصرتم ورأيتم، ومنه قوله (آنس من جانب الطور ناراً) قال الأزهري: تقول العرب اذهب فاستأنس هل ترى أحداً معناه تبصر، وقيل: هو هنا بمعنى وجد وعلم أي فإن وجدتم وعلمتم.


الصفحة التالية
Icon