(ذلكم) إشارة إلى الاستقسام بالأزلام خاصة أو إلى جميع المحرمات المذكورة هنا (فسق) لأنه وإن أشبه القرعة فهو دخول في علم الغيب وذلك حرام لقوله تعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً) وقال (لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) والفسق الخروج من الحد، وقد تقدم بيان معناه، وفي هذا وعيد شديد لأن الفسق هو أشد الكفر لا ما وقع عليه اصطلاح قوم من أنه منزلة متوسطة بين الإيمان والكفر.
(اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) المراد باليوم الذي نزلت فيه الآية هو يوم فتح مكة لثمان بقين من رمضان سنة تسع، وقيل سنة ثمان، وقيل إن ذلك هو يوم عرفة فنزلت هذه الآية والنبي صلى الله عليه وآله وسلم واقف بعرفة، وقيل المراد باليوم الحاضر وما يتصل به ولم يرد يوماً معيناً أي حصل لهم اليأس من إبطال أمر دينكم وأن يردوكم إلى دينهم كما كانوا يزعمون، واليأس انقطاع الرجاء وهو ضد الطمع.
(فلا تخشوهم) أي لا تخافوا الكفار أن يغلبوكم أو يبطلوا دينكم فقد زال الخوف عنكم بإظهار دينكم (وآخشون) فأنا القادر على كل شيء إن نصرتكم فلا غالب لكم، وإن خذلتكم لم يستطع غيري أن ينصركم.
(اليوم) المراد يوم الجمعة وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع، هكذا ثبت في الصحيح من حديث عمر بن الخطاب، وقيل نزلت في يوم الحج الأكبر، وقال ابن عباس: نزلت في يوم عيدين، في يوم جمعة وعرفة أخرجه الترمذي وقال حسن غريب.
(أكملت لكم دينكم) أي جعلته كاملاً غير محتاج إلى إكمال لظهوره على الأديان كلها وغلبته لها، ولكمال أحكامه التي يحتاج المسلمون إليها من الحلال والحرام والمشتبه، والفرائض والسنن والحدود والأحكام وما تضمنه