كان ممن يعقل الحجة إذا دل عليها أو يفيدونه مضمون النص بالتعبير عنه بعبارة يفهمها، فهم رواة وهو مسترو، وهذا عامل بالرواية لا بالرأي، والمقلد عامل بالرأي لا بالرواية لأنه يقبل قول الغير من دون أن يطالبه بحجة، وذلك في سؤاله يطالب بالحجة لا بالرأي فهو قابل لرواية الغير لا لرأيه، وهما من هذه الحيثية متقابلان، فانظر كم الفرق بين المنزلتين.
والكلام في ذلك يطول ويستدعي استغراق الأوراق الكثيرة وهو مبسوط في مواطنه، وفيما ذكرناه مقنع وبلاغ وبالله التوفيق.
وفي الآية دلالة على بطلان القياس، وعلى أنه تعالى قد نص على الحكم في جميع الوقائع إذ لو بقي بعضها غير مبيّن الحكم لم يكن الدين كاملاً، وإذا حصل النص في جميع الوقائع فالقياس إن كان على وفق النص كان عبثاً، وإن كان على خلافه كان باطلاً، وقد أجاب مثبتو القياس عن هذا بما لا يكفي في الجواب والله أعلم بالصواب.
(وأتممت عليكم نعمتي) بإكمال الدين المشتمل على الأحكام وبفتح مكة وقهر الكفار وإياسهم عن الظهور عليكم كما وعدتكم بقولي ولأتم نعمتي عليكم، وقال ابن عباس: حكم لهم بدخول الجنة.
(ورضيت لكم الإسلام ديناً) أي أخبرتكم برضائي به لكم، فالجملة مستأنفة لا معطوفة على (أكملت) وإلا كان مفهوم ذلك أنه لم يرض لهم الإسلام ديناً قبل ذلك، وليس كذلك فإنه سبحانه لم يزل راضياً لأمة نبيه - ﷺ - بالإسلام، فلا يكون لاختصاص الرضا بهذا اليوم كثير فائدة إن حملناه على ظاهره.
ويحتمل أن يريد رضيت لكم الإسلام الذي أنتم عليه اليوم ديناً باقياً إلى