على أن الإباحة تناولت ما علمنا من الجوارح وهو ينظم الكلب وسائر جوارح الطير، وذلك يوجب إباحة سائر وجوه الانتفاع فدل على جواز بيع الكلب والجوارح والانتفاع بها بسائر وجوه المنافع إلا ما خصه الدليل، وهو الأكل، والجوارح الكواسب من الكلاب، وسباع الطير.
قال: أجمعت الأمة على أن الكلب إذا لم يكن أسود وعلمه مسلم ولم يأكل من صيده الذي صاده وأثّر فيه بجرح أو تنييب وصاد به مسلم، وذكر اسم الله عند إرساله، أن صيده صحيح يؤكل بلا خلاف، فإن انخرم شرط من هذه الشروط دخل الخلاف.
فإن كان الذي يصاد به غير كلب كالفهد وما أشبه ذلك وكالبازي والصقر ونحوهما من الطير فجمهور الأمة على أن كل ما صاد بعد التعليم فهو جارح كاسب، يقال جرح فلان واجترح إذا اكتسب، ومنه الجارحة لأنها يكتسب بها، ومنه اجتراح السيئات، ومنه قوله تعالى (ويعلم ما جرحتم بالنهار) وقوله (أم حسب الذين اجترحوا السيئات).
(مكلّبين) المكلب معلم الكلاب لكيفية الاصطياد ومؤدبها ومضريها بالصيد، وخص معلم الكلاب وإن كان معلم سائر الجوارح مثله لأن الاصطياد بالكلاب هو الغالب. ولم يكتف بقوله (وما علّمتم من الجوارح) مع أن التكليب هو في اللغة التعليم، لقصد التأكيد لما لا بد منه من التعليم، وفسره في الجلالين بالإرسال فليتأمل مستنده في هذا التفسير، والتفاسير فسرته بالتعليم.
وفائدة التقييد المبالغة في التعليم لما أن اسم المكلّب لا يقع إلا على التحرير في علمهم، وقيل إن السبع يسمى كلباً فيدخل فيه كل سبع يصاد به لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، قال في


الصفحة التالية
Icon