(علمكم الله) أي مما أدركتموه بما خلقه فيكم من العقل الذي تهتدون به إلى تعليمها وتدريبها حتى تصير قابلة لإمساك الصيد عند إرسالكم لها.
(فكلوا مما أمسكن عليكم) الفاء للتفريع والجملة متفرعة على ما تقدم من تحليل صيد ما علموه من الجوارح، ومن في (مما) للتبعيض لأن بعض الصيد لا يؤكل كالجلد والعظم والدم والفرث وما أكله الكلب ونحوه، وفيه دليل على أنه لا بد أن يمسكه على صاحبه فإن أكل منه فإنما أمسكه على نفسه، في الحديث كما الثابت في الصحيح.
وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يحل أكل الصيد الذي يقصده الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال.
وقال عطاء بن أبي رباح والأوزاعي وهو مروي عن سلمان الفارسي وسعد ابن أبي وقاص وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وروي عن علي وابن عباس والحسن البصري والزهري وربيعة بن مالك والشافعي في القديم أنه يؤكل صيده.
ويرد عليهم قوله تعالى (مما أمسكن عليكم) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعدي بن حاتم: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك (١)، وهو في الصحيحين وغيرهما، وفي لفظ لهما فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه.
وأما ما أخرجه أبو داود بإسناد جيد من حديث أبي ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه (٢)، وقد أخرجه أيضاً بإسناد جيد من حديث عمرو بن
_________
(١) مسلم ١٩٢٩.
(٢) صحيح الجامع ٣١١.


الصفحة التالية
Icon