الأظهر، واستدلوا بالأحاديث التي فيها الإرشاد إلى التسمية وهذا خطأ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد وقّت التسمية بإرسال الكلب وإرسال السهم. ومشروعية التسمية عند الأكل حكم آخر ومسئلة غير هذه المسئلة، فلا وجه لحمل ما ورد في الكتاب والسنة هنا على ما ورد في التسمية عند الأكل، ولا ملجئ إلى ذلك.
وفي لفظ في الصحيحين من حديث عدي: إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ فكل (١)، وقد ذهب جماعة إلى أن التسمية شرط، وذهب آخرون إلى أنها سنة فقط، وذهب جماعة إلى أنها شرط على الذاكر لا الناسي، وهذا أقوى الأقوال وأرجحها (واتقوا الله) فيما أحل لكم وحرم عليكم واحذروا مخالفة أمره في هذا كله (إن الله سريع الحساب) أي حسابه سبحانه سريع إتيانه وكل آت قريب، وفيه تخويف لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.
_________
(١) عن جابر قال: أمرنا رسول الله ﷺ بقتل الكلاب -حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فتقتله، ثم نهى رسول الله - ﷺ - عن قتلها وقال: " عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان " وروى أبو داود ٣/ ١٤٤، والدارمي ٢/ ٩٠ عن عبد الله بن مغفل عن النبي - ﷺ - قال: " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم ".
هذا تحقيق المذهب وروى البخاري ٢١/ ٩٢ " بشرح العيني " ومسلم ٣/ ١٥٣١ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أرسل كلبي وأسمي. قال: " إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ، فقتل، فكل، وإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه ". قلت: إني أرسل كلبي فأجد معه كلباً آخر، لا أدري أيهما أخذ؟ قال: " فلا تأكل فإنما سميت على كلبك، ولم تسم على غيره ".