قال القرطبي: وأجمع العلماء أنه يورث من حيث يبول، فإن بال منهما فمن حيث سبق، فإن خرج البول منهما من غير سبق أحدهما فله نصف نصيب الذكر، ونصف نصيب الأنثى، وقيل يعطى أقل النصيبين وهو نصيب الأنثى، قاله يحيى بن آدم، وهو قول للشافعي.
وهذه الآية ناسخة لما كان في صدر الإسلام من الموارثة بالحلف والهجرة والمعاقدة، وقد أجمع العلماء على أنه إذا كان مع الأولاد من له فرض مسمى أعطيه وكان ما بقي من المال للذكر مثل حظ الأنثيين للحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما بلفظ " ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر " إلا إذا كان ساقطاً معهم كالإخوة لأم (١).
(للذكر مثل حظ الأنثيين) جملة مستأنفة لبيان الوصية في الأولاد، فلا بدّ من تقدير ضمير يرجع إليهم أي يوصيكم الله في أولادكم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، والمراد حال اجتماع المذكور والإناث، وأما حال الإنفراد فللذكر جميع الميراث وللأنثى النصف وللأنثيين فصاعداً الثلثان (٢).
وتخصيص الذكر بالتنصيص على حظه لأن القصد إلى بيان فضله والتنبيه على أن التضعيف كاف في التفضيل فلا يحرمن بالكلية وقد اشتركا في الجهة، وإن فائدة التعصيب أن العاصب إذا انفرد حاز المال كله.
(فإن كنّ) الأولاد المتروكات والتأنيث باعتبار الخبر أو البنات أو المولودات (نساء) ليس معهن ذكر (فوق اثنتين) أي زائدات على إثنتين على أن فوق صفة لنساء أو يكون خبراً ثانياً لكان (فلهن ثلثا ما ترك) الميت المدلول عليه بقرينة المقام.
_________
(١) إنما زاد نصيب الرجل في الميراث لما يجب عليه من الأعباء كالمهر والنفقة.
(٢) مسلم ١٦١٥ البخاري ٢٤٩٦.


الصفحة التالية
Icon