وارداً إلا أن التخريج عليه ضعيف لضعف الجوار من حيث الجملة.
وأيضاً فإن الخفض على الجوار إنما ورد في النعت لا في العطف، وقد ورد في التوكيد قليلاً في ضرورة الشعر، وقيل إنها إنما جرت للتنبيه على عدم الإسراف في استعمال الماء فيها لأنها مظنة لصب الماء كبيراً فعطفت على الممسوح والمراد غسلها، وإليه ذهب الزمخشري.
وقيل إنها مجرورة بحرف جر، دل عليه المعنى ويتعلق هذا الحرف بفعل محذوف تقديره وافعلوا بأرجلكم غسلاً، قال أبو البقاء وحذف حرف الجر وإبقاء الجر جائز، وقيل إنه معطوف على رؤوسكم لفظاً ومعنى ثم نسخ ذلك وجوب الغسل وهو حكم باق، وبه قال جماعة أو يحمل مسح الأرجل على بعض الأحوال وهو لبس الخف، ويعزى للشافعي.
قال القرطبي: قد روي عن ابن عباس أنه. قال: الوضوء غسلتان ومسحتان، قال: وكان عكرمة يمسح رجليه وقال: ليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح، وقال عامر الشعبي: نزل جبريل بالمسح، قال: وقال قتادة: افترض الله غسلتين ومسحتين، قال: وذهب ابن جرير الطبري والحسن البصري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح وجعل القراءتين كالروايتين، وقواه النحاس، وقال داود الظاهري يجب الجمع بينهما.
أقول الحق أن الدليل القرآني قد دل على جواز الغسل والمسح لثبوت قراءة النصب والجر ثبوتاً لا ينكر، وقد تعسف القائلون بالغسل فحملوا الجر على الجوار وأنه ليس للعطف على مدخول الباء في مسح الرأس بل هو معطوف على الوجوه، فلما جاور المجرور إنجر، وتعسف القائلون بالمسح فحملوا قراءة النصب على العطف على محل الجار والمجرور في قوله: (برؤوسكم) كما أن قراءة الجر عطف على لفظ المجرور.


الصفحة التالية
Icon