فأفاد وجوب غسل الرجلين وأنه لا يجزئ مسحهما لأن شأن المسح أن يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطا ولا سيما المواضع الخفية كالأعقاب والعراقيب، فلو كان مجزئاً لما قال ويل للأعقاب من النار، ولما وقع منه - ﷺ - ذلك.
وقد ثبت عنه أنه قال بعد أن توضأ وغسل رجليه: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " (١) أخرجه الطبراني من حديث معاوية بن قرة عن أبيه عن جده، والدارقطني من حديث ابن عمر وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن ماجة من حديث ابن عمرو وأُبَيّ بن كعب، وابن السكن من حديث أنس، وابن أبي حاتم من حديث عائشة، وفي جميع الطرق المذكورة مقال، لكنها يقوي بعضها بعضاً.
وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رجلاً توضأ فترك على قدمه مثل موضع الظفر فأبصره النبي - ﷺ - فقال له: ارجع فأحسن وضوءك فخرج وتوضأ ثم صلى (٢).
ومن ذلك أيضاً أحاديث الأعرابي الذي أمره النبي - ﷺ - بإعادة الوضوء لما رأى عقبه جافاً يلوح، ومنها الأمر بتخليل الأصابع فإنه يستلزم الأمر بالغسل لأن المسح لا تخليل فيه.
وبهذا يتقرر أن الحق ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الغسل وعدم إجزاء المسح، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال اجتمع أصحاب رسول الله - ﷺ - على غسل القدمين وأما المسح على الخفين فهو ثابت بالأحاديث المتواترة وهو بدل عن الغسل لا عن المسح.
_________
(١) الدارقطني ١/ ٨٠.
(٢) مسلم ٣٤٣.


الصفحة التالية
Icon