قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٥)
فلما قالا ذلك أراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوا أمرهما، و
(قالوا) ما أخبر الله عنهم (يا موسى إنا لن ندخلها) وكان هذا القول منهم فشلاً وجبناً أو عناداً وجراءة على الله ورسوله (أبداً) يعني مدة حياتنا تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول (ما داموا فيها) بيان للأبد أي مقيمين فيها.
(فاذهب أنت وربك فقاتلا) قالوا: هذا جهلاً بالله عز وجل وبصفاته وكفراً بما يجب له أو استهانة بالله ورسوله، وقيل أرادوا بالذهاب الإرادة والقصد، وقيل أرادوا بالرب هرون وكان أكبر من موسى وكان موسى يطيعه، والأول أولى (إنا ههنا قاعدون) أي لا نبرح ههنا لا نتقدم معك ولا نتأخر عن هذا الموضع، وقيل أرادوا بذلك عدم التقدم لا عدم التأخر.
(قال) موسى (رب إني لا أملك إلا نفسي) يحتمل أن يعطف (وأخي) على نفسي وأن يعطف على الضمير في (إني) أي إني لا أملك إلا نفسي، وإن أخي لا يملك إلا نفسه، وفيه ستة أوجه ذكرها السمين، قال: هذا تحسراً وتحزناً واستجلاباً للنصر من الله عز وجل، وإنما قال (وأخي) وإن كان معه في طاعته يوشع بن نون وكالب بن يوفنا لاختصاص هارون به ولمزيد الاعتناء بأخيه أو المعنى وأخي في الدين والأول أولى.
(فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) أي افصل بيننا يعني نفسه وأخاه وبينهم، وميزنا عن جملتهم ولا تلحقنا بهم في العقوبة، وقيل المعنى فاقض بيننا وبينهم، وقيل إنما أراد في الآخرة.