الحادثة، وإنما يقال الداءّة في المكروه، والدولة في المحبوب.
(فعسى الله أن يأتي بالفتح) رد عليهم ودفع لما وقع لهم من الخشية، وعسى في كلام الله سبحانه وعد صادق لا يتخلف، والفتح ظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الكافرين، ومنه ما وقع من قتل مقاتلة بني قريظة وسبى ذراريهم وإجلاء بني النضير، وقيل هو فتح بلاد المشركين على المسلمين وقيل فتح مكة.
(أو أمر من عنده) هو كل ما تندفع به صولة اليهود ومن معهم وتنكسر به شوكتهم وقيل هو إظهار أمر المنافقين وإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أسروا في أنفسهم، وأمره بقتلهم، وقيل هو الجزية التي جعلها الله عليهم وقيل الخصب والسعة للمسلمين.
(فيصبحوا) أي المنافقون (على ما أسرّوا في أنفسهم) من النفاق الحامل لهم على الموالاة (نادمين) على ذلك لبطلان الأسباب التي تخيلوها وانكشاف خلافها.
(ويقول الذين آمنوا) كلام مبتدأ مسوق لبيان ما وقع من هذه الطائفة، أي يقول الذين آمنوا مخاطبين لليهود ومشيرين إلى المنافقين وقت إظهار الله تعالى نفاقهم (أهؤلاء) الهمزة للاستفهام التعجبي (الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم) بالمناصرة والمعاضدة في القتال أو يقول بعض المؤمنين لبعض مشيرين إلى المنافقين، وهذه الجملة مفسرة للقول، وجهد الإيمان أغلظها.
(حبطت أعمالهم) أي بطلت، وهو من تمام قول المؤمنين، واستظهره أبو حيان وبه قال الزمخشري أو جملة مستأنفة والقائل هو الله سبحانه والأعمال هي التي عملوها في الموالاة أو كل عمل يعملونه، وعليه جمهور المفسرين (فأصبحوا خاسرين) في الدنيا بافتضاحهم، وفي الآخرة بإحباط ثواب أعمالهم وحصلوا بالعذاب الدائم المقيم.


الصفحة التالية
Icon