قال القرطبي: وأجمع على أن الوصية للوارث لا تجوز انتهى.
قال أبو السعود في تفسيره وتخصيص القيد بهذا المقام لما أن الورثة مظنة لتفريط الميت في حقهم.
أخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه واللفظ له والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة ثم يقول أبو هريرة اقرؤا إن شئتم (تلك حدود الله إلى قوله عذاب مهين) وفي إسناده شهر بن حوشب وفيه مقال معروف (١).
وأخرج ابن ماجه عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ - " من قطع ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة ".
وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي - ﷺ - أتاه يعوده في مرضه فقال: إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنة لي أفاتصدق بالثلثين، قال لا قال فالشطر، قال لا، قال فالثلث، قال: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. (٢)
_________
(١) صحيح الجامع الصغير ١٦١٩. وفي رواية " إن الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار " وقرأ أبو هريرة ها هنا:

" (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار حتى بلغ الفوز العظيم).
(٢) مسلم ١٦٢٩ - البخاري ١٣١٨.


الصفحة التالية
Icon