الحسن ومجاهد وغيرهما: فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي، وعلى هذا فالآية واردة في النكاح الصحيح وأن الزوج متى وطئها ولو مرة وجب عليه مهرها المسمى أو مهر المثل، ولكن يرد على هذا أنها تتكرر مع قوله سابقاً (وآتوا النساء صدقاتهن) وقال الجمهور: إن المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام حيث كان الرجل ينكح المرأة وقتاً معلوماً ليلة أو ليلتين أو أسبوعاً بثوب أو غيره ويقضي منها وطره ثم يسرحها، ويؤيد ذلك قراءة أُبَيّ بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ثم نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما صح ذلك من حديث علي قال: نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر (١)، وهو في الصحيحين وغيرهما.
وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني عن النبي - ﷺ - أنه قال: يوم فتح مكة: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، والله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عقده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً (٢)، وفي لفظ لمسلم أن ذلك كان في حجة الوداع، فهذا هو الناسخ، وقال سعيد بن جبير نسختها آية الميراث إذ المتعة لا ميراث فيها.
وقالت عائشة والقاسم بن محمد تحريمها ونسخها في القرآن، وذلك قوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم ولا ما ملكت أيمانهم، فإن من شأن الزوجة أن ترث وتورث، وليست المستمتع بها كذلك والأحاديث في تحليل المتعة ثم تحريمها وهل كان نسخها مرة أو مرتين مذكورة في كتب الحديث، وقد روى عن ابن عباس أنه قال بجواز المتعة وأنها باقية لم تنسخ، وروى عنه أنه رجع عن ذلك عقد أن بلغه الناسخ، وقد قال بجوازها جماعة
_________
(١) مسلم ١٤٠٧ - البخاري ١٩٠٨.
(٢) مسلم ١٤٠٦.