الصفات، فجمع هذه كلها في قوله وهو الله الذي له هذه كلها في السموات وفي الأرض. كأنه قال وهو الخالق والرازق والمحيي والمميت فيهما.
وقيل المعنى: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض فلا تخفى عليه خافية، وقال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل فيه، قال الشيخ وما ذكره الزجاج وأوضحه ابن عطية صحيح من حيث المعنى لكن صناعة النحو لا تساعده عليه، وقال ابن جرير: هو الله في السموات، ويعلم سركم وجهركم في الأرض. والأول أولى.
وتكون جملة (يعلم سركم وجهركم) مقررة لمعنى الجملة الأولى لأن كونه سبحانه إلهاً في السماء والأرض يستلزم علمه بأسرار عباده وجهرهم وعلمه بما يكسبونه من الخير والشر، وجلب النفع ودفع الضرر، وقال السمين: في هذه الآية أقوال كثيرة لخصت جميعها في اثني عشر وجهاً ثم بينها، وذكر سليمان الجمل منها أربعة أوجه منها ما تقدم (ويعلم ما تكسبون) من خير أو شر، وهذا محمول على المكتسب لا على نفس الكسب، قاله الرازي.
(وما تأتيهم) أي أهل مكة (من آية من آيات ربهم) كلام مبتدأ لبيان بعض أسباب كفرهم وتمردهم وهو الإعراض عن آيات الله التي تأتيهم بالكلية، ومن في (من آية) مزيدة للإستغراق، وفي (من آيات ربهم) تبعيضية أي ما تأتيهم آية من الآيات التي هي بعض آيات ربهم، وإضافة الآيات إلى الرب لتفخيم شأنها المستتبع لتهويل ما اجترؤوا عليه في حقها.
والمراد بها إما الآيات التنزيلية فإتيانها نزولها، وإما الآيات التكوينية الشاملة للمعجزات وغيرها من تعاجيب المصنوعات فإتيانها ظهورها لهم (إلا كانوا عنها معرضين) أي كانوا لها تاركين وبها مكذبين، والإعراض ترك النظر في الآيات التي يجب أن يستدلوا بها على توحيد الله.


الصفحة التالية
Icon