وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)
(وله) أي لله (ما سكن في الليل والنهار) خص الساكن بالذكر لأن ما يتصف بالسكون أكثر مما يتصف بالحركة وقيل المعنى ما سكن فيهما أو تحرك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر، وهذا من جملة الاحتجاج على الكفرة قال السدي: ما سكن أي استقر وثبت، ولم يذكر الزمخشري غيره وقال تعديته بفي كما في قوله وسكنتم في مساكن الذين ظلموا ورجح هذا التفسير ابن عطية.
وقال ابن جرير: كل ما طلعت عليه الشمس وغربت فهو من ساكن الليل والنهار، فيكون المراد منه جميع ما حصل في الأرض من الدواب والحيوانات والطير وغير ذلك مما في البر والبحر، وهذا يفيد الحصر والمعنى أن جميع الموجودات ملك لله تعالى لا لغيره (وهو السميع) لأقوالهم وأصواتهم (العليم) بسرائرهم وأحوالهم.
(قل أغير الله اتخذ ولياً) الاستفهام للإنكار قال لهم ذلك لما دعوه إلى عبادة الأصنام، ولما كان الإنكار لاتخاذ غير الله ولياً لا لاتخاذ الولي مطلقاً دخلت الهمزة على المفعول لا على الفعل والمراد بالولي هنا المعبود أي كيف اتخذ غير الله معبوداً بطريق الإستقلال أو الإشتراك.
(فاطر السموات والأرض) أي خالقهما ومبدعهما (١) (وهو يطعم ولا يطعم) أي يرزق ولا يرزق وخص الإطعام دون غيره من ضروب الإنعام
_________
(١) ومنه ما روى البخاري (٣/ ١٩٧) عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو
-[١١٣]-
ينصرانه، أو يُمَجِّسانِهِ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء " ورواه البخاري أيضاً (٣/ ١٧٦): ومسلم في " صحيحه " (٤/ ٢٠٤٧) بلفظ " ما من مولود إلا يولد على الفطرة " ثم يقول أبو هريرة: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله... ) الآية. ورواه أحمد في " المسند " عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: " كل مولود يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه، فإذا عبر عنه لسانه. إما شاكراً، وإما كفوراً " وفي رواية لمسلم (٤/ ٢٠٤٨) " ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة، حتى يعبر عنه لسانه " وفي رواية له أيضاً " حتى يبين عنه لسانه ".


الصفحة التالية
Icon