وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)
(وقالوا إن) ما (هي إلا حياتنا الدنيا) أي ليس لنا غير هذه التي نحن فيها (وما نحن بمبعوثين) بعد الموت ولم يكتفوا بمجرد الإخبار بذلك حتى أبرزوها محصورة في نفي وإثبات وهي ضمير مبهم يفسره خبره أي لا يعلم ما يراد به إلا بذكر خبره وهو من الضمائر التي يفسرها ما بعدها لفظاً ورتبة، قال السمين وهذا من شدة تمردهم وعنادهم حيث يقولون هذه المقالة على تقدير أنهم رجعوا إلى الدنيا بعد مشاهدتهم للبعث.
(ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) قد تقدم تفسيره أي حبسوا على ما يكون من أمر ربهم فيهم، وقيل على بمعنى عند، وقال مقاتل: عرضوا على ربهم وجواب لو محذوف أي لشاهدت أمراً عظيماً، وقيل: إنه من باب المجاز لأنه كناية عن الحبس للتوبيخ كما يوقف العبد بين يدي سيده ليعاتبه، ذكر ذلك الزمخشري.
والاستفهام في (قال أليس هذا بالحق) للتقريع والتوبيخ أي أليس هذا البعث الذي تنكرونه كائناً موجوداً وهذا الجزاء الذي تجحدونه حاضراً والجملة مستأنفة أو حالية كأنه قيل وقفوا عليه قائلاً لهم أليس الخ (قالوا بلى وربنا) اعترفوا بما أنكروا وأكدوا اعترافهم بالقسم (قال فذوقوا العذاب) الذي تشاهدونه وهو عذاب النار، وإنما خص لفظ الذوق لأنهم في حال يجدون ألم العذاب وجدان الذائق في شدة الإحساس (بما كنتم تكفرون) أي بسبب جحدكم وكفركم بالبعث بعد الموت أو بكل شيء مما أمرتم بالإيمان به في دار الدنيا.


الصفحة التالية
Icon