(فلولا) أي فهلا (إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) لكنهم لم يتضرعوا مع قيام المقتضى له وهو الباساء والضراء، وهذا عتاب لهم على ترك الدعاء في كل الأحوال حتى عند نزول العذاب بهم لشدة تمردهم وغلوهم في الكفر، ويجوز أن يكون المعنى أنهم تضرعوا عند أن نزل بهم العذاب وذلك تضرع ضروري لم يصدر عن إخلاص فهو غير نافع لصاحبه، والأول أولى كما يدل عليه.
(ولكن قست) أي صلبت وغلظت فلم تضرع ولم تخشع (قلوبهم) واستمرت على ما هي عليه من القساوة ولم تلن للإيمان، وهذا استدراك وقع بين الضدين قال أبو السعود: فهذا من أحسن مواقع الاستدراك.
(وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) أي أغواهم بالتصميم على الكفر والاستمرار على المعاصي، والجملة استئنافية أخبر تعالى عنهم بذلك أو داخلة في حيز الاستدراك وهو الظاهر، وهذا رأي الزمخشري فإنه قال: لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا قسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم.
(فلما نسوا ما ذكروا به) أي تركوا ما وعظوا به وأعرضوا عنه لأن النسيان لو كان على حقيقته لم يؤاخذوا به إذ ليس هو من فعلهم، وبه قال ابن عباس وأبو علي الفارسي، قال ابن جريج: ما دعاهم الله إليه ورسله أبوه وردوه عليهم، والمعنى أنهم لما تركوا الاتعاظ بما ذكروا به من البأساء والضراء وأعرضوا عن ذلك (فتحنا) بالتخفيف والتشديد سبعيتان (عليهم أبواب كل شيء) أي استدرجناهم بفتح أبواب كل نوع من أنواع الخير عليهم، وبدلنا مكان البأساء الرخاء والسعة في الرزق والعيش، ومكان الضراء الصحة والسلامة في الأبدان والأجسام، قال مجاهد: يعني رخاء الدنيا وشرها، ونحوه عن قتادة.
(حتى إذا فرحوا بما أوتوا) من الخير والرزق على أنواعه والسعة والرخاء