عليهم وجالسهم ولا تطردهم مراعاة لحق من ليس على مثل حالهم في الدين والفضل (فتكون) جواب للنهي أي فإن فعلت ذلك كنت (من الظالمين) وحاشاه عن وقوع ذلك وإنما هو من باب التعريض لئلا يفعل ذلك غيره - ﷺ - من أهل الإسلام كقوله تعالى: (لئن اشركت ليحبطن عملك).
أخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة أنا وعبد الله بن مسعود وبلال ورجل من هذيل ورجلين لست اسميهما فقال المشركون للنبي - ﷺ - اطرد هؤلاء عنك لا يجترئون علينا، فوقع في نفس رسول الله - ﷺ - ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله هذه الآية، وقد روي في بيان السبب روايات موافقة لما ذكرنا في المعنى.
(وكذلك) أي مثل تلك الفتن العظيمة (فتنا بعضهم ببعض) أي ببعض الناس وابتلينا الغني بالفقير، والفقير بالغني، والشريف بالوضيع، فكل أحد مبتلى بضده، والفتنة الاختبار أي عاملناهم معاملة المختبرين (ليقولوا) اللام للصيرورة كقوله لدوا للموت وابنوا للخراب، وقوله [ليكون لهم عدواً وحزناً] وقيل: إنها لام كي وهو أظهر، وعليه أكثر المعربين والتقدير ومثل ذلك الفتون فتناً ليقول البعض الأول مشيراً إلى البعض الثاني.
(أهؤلاء) الذين (من الله عليهم من بيننا) أي إكرمهم بإصابة الحق دوننا قال النحاس: وهذا من المشكل لأنه يقال كيف فتنوا ليقولوا هذا القول وهو إن كان على طريقة الإنكار فهو كفر، وأجاب بجوابين الأول أن ذلك واقع منهم على طريقة الاستفهام لا على سبيل الإنكار والثاني أنهم لما اختبروا بهذا كان عاقبة هذا القول منهم كقوله (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً) قال ابن عباس: قالوا ذلك استهزاء وسخرية وقال ابن جرير: لو كان لهم كرامة على الله ما أصابهم هذا الجهد.
(أليس الله بأعلم) هذا الاستفهام للتقرير والمعنى أن مرجع الاستحقاق لنعم الله سبحانه هو الشكر وهو أعلم (بالشاكرين) له فما بالكم تعترضون بالجهل وتنكرون الفضل.


الصفحة التالية
Icon