فقال: " اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر " (١).
قال عكرمة والكلبي: نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل، وقال مقاتل: نزلت في النبي ﷺ وأبي جهل، والحق أن الآية عامة في حق كل مؤمن وكافر، وبه قال الحسن.
(كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) المزين هو الله سبحانه ويدل عليه قوله: (زينا لهم أعمالهم) ولأن حصول الفعل يتوقف على حصول الدواعي وحصولها لا يكون إلا بخلق الله، فدل ذلك على أن المزين هو الله سبحانه، وقالت المعتزلة: المزين هو الشيطان ويرده ما تقدم.
_________
(١) المستدرك كتاب معرفة الصحابة ٣/ ٨٣.
(وكذلك) أي مثل ذلك الجعل بمكة (جعلنا في كل قرية أكابر) الأكابر جمع أكبر قيل هم الرؤساء والعظماء وخصهم بالذكر لأنهم أقدر على الفساد والغدر وترويج الباطل بين الناس من غيرهم، وإنما حصل ذلك لأجل رياستهم، وذلك سنة الله أنه جعل في كل قرية أتباع الرسل ضعفاءها وجعل فساقها أكابر (مجرميها) قال الواحدي في الآية تقديم وتأخير أي مجرميها أكابر، وإنما جعل المجرمين أكابر لأن ما فيهم من السعة أدعى لهم إلى المكر والكفر.
(ليمكروا فيها) بالصد عن الإيمان، واللام على ظاهرها أو للعاقبة أو للعلة مجازاً، قال أبو عبيدة: المكر الخديعة والغدر والحيلة والفجور، وزاد بعضهم الغيبة والنميمة والأيمان الكاذبة وترويج الباطل، قال ابن عباس: ليقولوا فيها الكذب، عن عكرمة قال: نزلت في المستهزئين، وقيل المعنى ليتجبروا على الناس فيها ويعملوا بالمعاصي، دليله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض).
(وما يمكرون إلا بأنفسهم) المكر الحيلة في مخالفة الاستقامة وأصله الفتل، فالماكر يفتل عن الاستقامة أي يصرف عنها أي ما يحيق هذا المكر إلا بهم لأن وبال مكرهم عائد عليهم (وما يشعرون) بذلك لفرط جهلهم.


الصفحة التالية
Icon