كونه منزلاً من عند الله أو انتفاء الخوف من قومه يقويه على الإنذار ويشجعه لأن المتيقن يقدم على بصيرة ويباشر بقوة نفس، وصاحب اليقين جسور متوكل على ربه.
(وذكرى للمؤمنين) قال البصريون وذكر به ذكرى، أو المعنى للإنذار وللذكرى، وقال أبو إسحاق الزجاج وهو ذكرى، وتخصيصه بالمؤمنين لأنهم الذين ينجع فيهم ذلك، وفيه إشارة إلى تخصيص الإنذار بالكافرين.
(اتبعوا) كلام مستأنف خوطب به كافة المكلفين (ما أنزل إليكم من ربكم) يعني الكتاب ومثله السنة لقوله (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا) ونحوها من الآيات، قاله الزجاج وقيل هو أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته، وقيل هو أمر للأمة بعد أمره صلى الله عليه وآله وسلم بالتبليغ وهو منزل إليهم بواسطة إنزاله إلى النبي - ﷺ -.
قال الرازي قوله (ما أنزل إليكم) يتناول الكتاب والسنة، وإنما قال أنزل إليكم مع أنه أنزل على الرسول لأنه منزل على الكل بمعنى أنه خطاب للكل.
ولفظ البيضاوي يعم القرآن والسنة لقوله سبحانه (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) انتهى وقال الحسن يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والله ما نزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيم أنزلت وما معناها.
وقيل هو خطاب للكفار أي اتبعوا أيها المشركون ما أنزل إليكم من ربكم واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك ويدل عليه قوله (ولا تتبعوا من دونه أولياء) والأول أولى وهو نهي للأمة أن يتبعوا أولياء من دون لله يعبدونهم ويجعلونهم شركاء لله من الشياطين والكهان.
وقال الزمخشري لا تتولوا أحداً من شياطين الإنس والجن ليحملوكم على