الأهواء والبدع، فالضمير في (دونه) يرجع إلى رب " ويجوز أن يرجع إلى (ما) في ما أنزل إليكم أي لا تتبعوا من دون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أولياء تقلدونهم في دينكم كما كان يفعله أهل الجاهلية من طاعة الرؤساء فيما يحللونه لهم ويحرمونه عليهم.
وقرأ مالك بن دينار (ولا تبتغوا) من الابتغاء، قال الرازي هذه الآية تدل على أن تخصيص عموم القرآن بالقياس لا يجوز لأن عموم القرآن منزل من عند الله، والله تعالى أوجب متابعته فوجب العمل بعموم القرآن، ولما وجب العمل به امتنع العمل بالقياس. وإلا لزم التناقض انتهى، والبحث في ذلك يطول وله موضع غير هذا.
(قليلاً ما) مزيد للتوكيد أي تذكراً قليلاً أو زماناً قليلاً (تذكرون).
ثم شرح الله في إنذارهم بما حصل للأمم الماضية بسبب إعراضهم عن الحق فقال
(وكم من قرية) كم هي الخبرية المفيدة للتكثير، ولم ترد في القرآن إلا هكذا ويجب لها الصدر لكونها على صورة الاستفهامية، والقرية موضع اجتماع الناس أي كم من قرية من القرى الكثيرة (أهلكناها) نفسها بإهلاك أهلها أو أهلكنا أهلها والمراد أردنا إهلاكها.
وقوله (فجاءها بأسنا) معطوف على أهلكنا بتقدير الإرادة كما مر، لأن ترتيب مجيء البأس على الإهلاك لا يصح إلا بهذا التقدير إذ الإهلاك هو نفس مجيء البأس، وقال الفراء: إن الفاء بمعنى الواو فلا يلزم التقدير، والمعنى أهلكناها وجاءها بأسنا، والواو لمطلق الجمع لا ترتيب فيها.
وقيل: إن الإهلاك واقع لبعض أهل القرية فيكون المعنى وكم من قرية أهلكنا بعض أهلها فجاءها بأسنا فأهلكنا الجميع، وقيل المعنى وكم من قرية حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا، وقيل أهلكناها بإرسال ملائكة العذاب إليها