فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)
(فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) الدعوى الدعاء أي فما كان دعاءهم واستغاثتهم بربهم عند نزول العذاب إلا اعترافهم بالظلم على أنفسهم، ومثله (آخر دعواهم) قال سيبويه: تقول العرب اللهم أشركنا في صالح دعوى المؤمنين ومنه قوله (دعواهم فيها سبحانك اللهم) وحكاه الخليل أيضاً وقيل الدعوى هنا بمعنى الإدعاء، والمعنى ما كانوا يدعونه لدينهم وينتحلونه إلا اعترافهم ببطلانه وفساده.
(فلنسألن الذين أرسل إليهم) هذا وعيد شديد وبيان لعذابهم الأخروي إثر بيان عذابهم الدنيوي، غير أنه قد تعرض لبيان مبادي أحوال المكلفين جميعاً لكونه داخلاً في التهويل والسؤال للقوم الذين أرسل إليهم الرسل من الأمم السالفة للتقريع والتوبيخ، واللام للقسم أي لنسألنهم عما أجابوا به رسلهم عند دعوتهم. والفاء لترتيب الأحوال الأخروية على الأحوال الدنيوية.
(ولنسألن المرسلين) أي الأنبياء الذين بعثهم الله أي يسألهم عما أجاب به أممهم عليهم، ومن أطاع منهم ومن عصى، وقيل المعنى فلنسألن الذين أرسل إليهم يعني الأنبياء ولنسألن المرسلين يعني الملائكة، قال ابن عباس: يسأل الله الناس عما أجابوا به المرسلين ويسأل المرسلين عما بلغوا عنه، ونحوه عن السدي.
ولا يعارض هذا قول الله سبحانه (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) لما قدمنا غير مرة أن في الآخرة مواطن ففي موطن يسألون وفي موطن لا يسألون


الصفحة التالية
Icon