وقيل هو ميزان واحد عبر عنه بلفظ الجمع كما يقال: خرج فلان إلى مكة على البغال وقيل إنما جمعه لأن الميزان يشتمل على الكفتين والشاهين واللسان ولا يتم الوزن إلا باجتماع ذلك كله.
(فأولئك) إشارة إلى (من) والجمع باعتبار معناه كما رجع إليه ضمير موازينه باعتبار لفظه (هم المفلحون) أي الناجون غداً والفائزون بثواب الله وجزائه ومثله الكلام في قوله
(ومن خفت) بالسيئات عدلاً (موازينه) والمراد موازين أعماله وهم الكفار بدليل قوله (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) أي غبنوا حظوظها من جزيل ثواب الله وكرامته، والباء في (بما كانوا) سببية (بآياتنا يظلمون) أي يكذبون ويجحدونها.
وهذا الوزن للمسلمين عند الأكثر، وأما الكفار فتحبط أعمالهم على أحد الوجهين في تفسير قوله تعالى (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً) وقيل إنها توزن أيضاً وإن لم تكن راجحة ليخفف بها لهم العذاب عنهم، وهو ظاهر النظم، وبقي من تساوت حسناته وسيآته مسكوتاً عنه وهم أهل الاعراف على قول، وقد يدرج في القسم الأول لقوله (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم) وعسى من الله تحقيق كما صرحوا به.
وللحافظ تأليف مستقل في الميزان قال فيه: إنهم اختلفوا في تعدد الميزان وعدمه والصحيح الثاني والوزن بعد الحساب وأعمال الكفرة يخفف بها عذابهم كما ورد في حق أبي طالب، وهو الصحيح كما قاله القرطبي، وقال السخاوي المعتمد أنه مخصوص بأبي طالب والمعتمد ما قاله القرطبي فلا وجه للتردد فيه.
أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ " يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر، فيقول أتنكر من هذا شيئاً أظلمك كتبتي الحافظون، فيقول لا يا رب فيقول أفَلَكَ عذر أو حسنة فيهاب الرجل


الصفحة التالية
Icon