والمراد أن أسلافهم ضلوا قبل البعثة بغلوهم في عيسى.
(وأضلوا كثيراً) من الناس إذ ذاك (وضلوا) من بعد البعثة إما بأنفسهم أو جعل ضلال من أضلوه ضلالاً لهم لكونهم سنوا لهم ذلك ونهجوه لهم، وقيل المراد بالأول كفرهم بما يقتضيه العقل وبالثاني كفرهم بما يقتضيه الشرع وقيل الأول ضلالهم عن الإنجيل، والثاني ضلالهم عن القرآن (عن سواء السبيل) أي عن طريق الحق.
(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم) أي لعنهم الله سبحانه في الزبور والإنجيل على لسان داود وعيسى بما فعلوه من المعاصي لاعتدائهم في السبت وكفرهم بعيسى، وعن أبي مالك الغفاري قال: لعنوا أي اليهود على لسان داود فجعلوا قردة وهم أصحاب أيلة، والنصارى على لسان عيسى فجعلوا خنازير، وهم أصحاب المائدة، وكانوا خمسة آلاف ليس فيهم امرأة ولا صبي والفريقان من بني إسرائيل وعن قتادة نحوه وكان داود بعد موسى وقبل عيسى.
(ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) جملة مستأنفة، والمعنى ذلك اللعن بسبب المعصية والاعتداء لا بسبب آخر، ثم بين سبحانه المعصية والاعتداء بقوله.
(كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) أسند الفعل إليهم لكون فاعله من جملتهم وإن لم يفعلوه جميعاً، والمعنى أنهم كانوا لا ينهون العاصي عن معاودة معصية قد فعلها أو تهيأ لفعلها، ويحتمل أن يكون وصفهم بأنهم قد فعلوا المنكر باعتبار حالة النزول لا حالة ترك الإنكار وبيان العصيان والاعتداء بترك التناهي عن المنكر لأن من أخل بواجب النهي عن المنكر فقد عصى الله سبحانه وتعدى حدوده.


الصفحة التالية
Icon