يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨)
(ذلك) أي الإنزال المدلول عليه بأنزلنا (من آيات الله) الدالة على أن له خالقاً (لعلهم يذكرون) نعمته فيشكرونها وفيه التفات عن الخطاب، وكان مقتضى المقام لعلكم.
ثم كرر الله سبحانه النداء لبني آدم تحذيراً لهم من الشيطان فقال
(يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان) أي لا يوقعنكم في الفتنة والمحنة بأن يمنعكم من دخول الجنة فالنهي وإن كان للشيطان فهو في الحقيقة لبني آدم بأن لا يفتتنوا بفتنته ويتأثروا لذلك كما في قولك لا أرينك هنا (كما أخرج) أي: كما فتن.
(أبويكم) بأن أخرجهما (من الجنة) أو لا يفتننكم فتنة مثل إخراج أبويكم أو لا يخرجنكم بفتنته إخراجاً مثل إخراجه أبويكم.
(ينزع عنهما لباسهما) قد تقدم تفسيرها وأضاف نزعه إلى الشيطان وإن لم يباشر ذلك لأنه كان بسبب وسوسته فأسند إليه، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة التي وقعت فيما مضى، والنزع الجذب للشئ بقوة عن مقره ومنه (تنزغ الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر) ومنه نزع القوس ويستعمل في الأعراض ومنه نزع العداوة والمحبة من القلب ونزع فلان كذا سلبه، ومنه والنازعات غرقاً لأنها تقلع أرواح الكفرة بشدة ومنه المنازعة وهي المخاصمة والنزع عن الشيء الكف عنه والنزوع الاشتياق الشديد ومنه نزع إلى وطنه.


الصفحة التالية
Icon