قال الفراء: الإثم ما دون الحق والاستطالة على الناس انتهى، وليس في إطلاق الإثم على الخمر ما يدل على اختصاصه به فهو أحد المعاني التي يصدق عليها قال في الصحاح وقد سمي الخمر إثماً وقال الحسن وعطاء:
الإثم من أسماء الخمر، وقال ابن سيده صاحب المحكم: وعندي أن تسمية الخمر بالإثم صحيح لأن شربها إثم، وأنكر أبو بكر بن الأنباري تسمية الخمر بالإثم قال:
لأن العرب ما سمته إثماً قط في جاهلية ولا إسلام ولكن قد يكون الخمر داخلاً تحت الإثم لقوله: (قل فيهما إثم كبير).
وقيل: الإثم صغائر الذنوب والفواحش كبائرها وقيل الإثم اسم لما لا يجب فيه الحد والفاحشة ما يجب فيه الحد من الذنوب، وهذا القول قريب من الأول وقيل الإثم في أصل اللغة الذنب فيدخل فيه الكبائر والصغائر، وقيل الفاحشة الكبيرة والإثم مطلق الذنب كبيراً كان أو صغيراً، وأولى هذه الأقوال أولها.
(والبغي بغير الحق) أي الظلم المجاوز للحد والاستطالة على الناس، وأفرده بالذكر بعد دخوله فيما قبله لكونه ذنباً عظيماً كقوله (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) وإذا طلب ماله بالحق خرج من أن يكون بغير الحق.
(وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً) أي وأن تجعلوا لله شريكاً لم ينزل عليكم به حجة وتسووا به في العبادة والمراد التهكم بالمشركين لأن الله لا ينزل برهاناً بأن يكون غيره شريكاً له (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) بحقيقته وأن الله قاله، وهذا مثل ما كانوا ينسبون إلى الله سبحانه من التحليلات أو التحريمات التي لم يأذن بها.


الصفحة التالية
Icon